Sunday 2 September 2018

دين السلام

دين السلام
  1. الإسلام هو دين السلام والرحمة للعالمين، والسلام هو إسم من أسماء الله الحسنى[i]، وفي تفسير (سُبُل السلام) في الآية الكريمة من سورة المائدة قيل أن السلام هو الله جلّ جلاله، وسبيله دينه الذي شرّع لعباده، وبعث به رسله، وقيل: السلام هو السلامة، والمراد به طرق السلامة[ii].
  2. ولا ينهى الله تعالى وتبارك عن البرّ والصلة والمكافأة بالمعروف والقسط، حتّى للمشركين من الأقارب أو غيرهم، إذا لم يقاتلوا أو يعتدوا، فلا حرج ولا محذور فيها ولا مفسدة[iii] بل قد يُؤجَر المسلم على ذلك، مثلما هو في حال اليتيم والمسكين والأسير[iv]، وكما في مطلب برّ الأبوين المشركين إذا كان ولدهما مسلماً[v]، أما الموالاة لمن يقاتلوننا في ديننا، ويخرجوننا من ديارنا فمنهيّ عنها قطعياً بشتّى الأحوال ويؤثم عليها المسلم إثما عظيما[vi].
  3.  والسلام هو أيضاً تحية الإسلام، كما هو تحية الأنبياء صلوات ربيّ عليهم أجمعين[vii]؛ وتحية أهل الجنة سلام[viii]، والملائكة الكرام يحيّون أهل الجنة بالسلام[ix]، والجنة نفسها هي دار السلام[x].
  4.  وإحلال السلام هو سعي فعليّ حثيث للإسلام وأهله وهو الأصل، والحرب إنما طارئ يجب العمل على إزالتها بكل الطرق الممكنة لإعادة إحلال السلام. وعلامة السلامة الحاقنة للدمّ والعرض، المحرِّمة للتعرّض لصاحبها هي إلقاء السلام[xi]. ويظهر السعي للسلام مثلاً في التشريعات التي تأمر بتحييد المدنيين، بل وكافة غير المقاتلين، من بشر وشجر وحتى حجر من أوزار الحرب قبل وخلال وبعد الحرب.
  5.  لذلك ترى الإسلام إنفرد من بين كلّ التشريعات في سعيه الحقيقي لتحقيق السلام على كافة المستويات والصعد والأبعاد بدءًا من المسلم نفسه بتحقيق السلام الداخلي، ومروراً بكل من يتعامل معه من والديه وعائلته مروراً بجيرانه ووصولا إلى أصحابه وأصدقائه، ومنهم إلى مجتمعه المباشر وصولا إلى العالم كله، فعظّم الله جلّ جلاله حقّ المسلم على المسلم، وحقّ القريب على قريبه، وحقّ الجار على جاره ضمن نظام شامل للحقوق المتكاملة المتقاطعة في عدة شبكات متراصّة من أمان وسلام وتكافل وتضامن وتعاضد إجتماعي وإقتصادي للفرد والمجتمع.


[i] (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الحشر:23)
[ii]   (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) (المائدة:16)
تفسير البغوي - موقع مشروع المصحف الإلكتروني – جامعة الملك سعود
[iii]  (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (الممتحنة:8)
تفسير السعدي - موقع مشروع المصحف الإلكتروني – جامعة الملك سعود
[iv]  (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (الإنسان:8)
[v]   (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا) (لقمان:15)
[vi]  (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [المجادلة: 22].
[vii]  خلق اللهُ آدمَ وطولُه ستون ذراعًا، ثم قال: اذهبْ فسلِّمْ على أولئك من الملائكةِ، فاستمِعْ ما يحيونكَ، تحيّتُك وتحيَّةُ ذرِّيتِك، فقال: السلامُ عليكم، فقالوا: السلامُ عليك ورحمةُ اللهِ، فزادوه: ورحمةُ اللهِ، فكلُّ من يدخلُ الجنَّةَ على صورةِ آدمَ، فلم يزلِ الخلقُ ينقصُ حتى الآنَ. الراوي: أبو هريرة | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 3326 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
[viii]  ﴿دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ (يونس:10) --- ﴿خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ (إبراهيم:23)
[ix]  ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ (الرعد:23-24)
[x]  ﴿لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (الأنعام:١٢٧) ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَىٰ دَارِ السَّلَامِ﴾ (يونس:٢٥)
[xi]  ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ (النساء:94)

No comments:

Post a Comment